مملكة الحشيش.. النشوة القاتلة

أبرق القصر العلوي خبر رفع مساحات الأراضي المسموح فيها بزراعة القنب الهندي هذا العام، لتبلغ 2078هكتار، بزيادة تصل إلى 8 أضعاف عن الرقعة التي تم تخصيصها لحشيش المخزن السنة الماضية، ومهما حاول الجار تلميع الواجهة بتبني قانون منذ ثلاث سنوات ينظم زراعة هذا النوع من السموم “لأغراض طبية وصناعية” إلا أن التقارير لا تختلف أن بلد “جلالته” بات مصدر صداع، بتحويل العديد من مناطق القارة لوجهات مخدراته، واستهداف عقول الشباب وصحتهم العقلية، والتورط في عمليات متاجرة ينعش بها اقتصاده على حساب سلامة الأشخاص.

يتحدث المغرب عن توسيع رقعة زرع نبتة القنب الهندي، ويصدق ذو النوايا الحسنة مزاعمه بالتفكير في “دعم أبحاث طبية أو صناعية”، إلا أن العالم يدرك ويصر بل يلح أن نظام “المخزن” يستمر فيما يدمر ويغرق القارة الإفريقية ومنطقة المتوسط بسمومه القاتلة، ولا ينفع التستر وارتداء القناع حين يفرض الواقع تسمية الأشياء بمسمياتها، وحين قال وزير الخارجية احمد عطاف خلال اجتماع لمجلس الأمن حول دور الشباب في مواجهة التحديات الأمنية في منطقة البحر المتوسط إن “دولة معينة في جوارنا الإقليمي تسعى إلى إغراق مجتمعات المنطقة بمختلف أنواع المخدرات التي تنتجها والتي تتحول إلى أداة فتاكة ضد شباب دول الجوار المتوسطي”، فالرجل دبلوماسي يعي ما يقول، ووحدها الحصائل الأسبوعية للجيش الوطني الشعبي حول إحباط محاولات إدخال كميات من السموم من الحدود الغربية تكفي لفهم ما يقصده، ودون ذلك آخر تقرير أممي أكد أن نصف كميات القنب الهندي المستهلك بالساحل الإفريقي قدم من بلد يزعم الاستثمار في “القاتل الأبيض” خدمة لأبحاث الطب والصناعة.. ووحده “المخزن” القادر على تفسير هذه التحاليل التي اجتهد فيها ليتحول عقار دمر السلامة العقلية للشبان إلى دواء للسقام ومخفف للآلام.

العالم يحصي الكميات المستهلكة ولا يعلق على قرارات توسيع الجغرافيا لزرع الموت وتصديره لأبناء دول أخرى، ورغم التحذيرات يواصل “المخزن” سياسته في تقنين السموم، وهو الذي صنفته الأمم المتحدة منذ أربع سنوات، بأكبر منتج لراتنج القنب، واسم المغرب يحضر في كل عملية متاجرة بالمخدرات في منطقة الساحل، الميدان المفضل لفرسانه المروجين لسلعته القاتلة في كل مرة.

لن نفقه كثيرا في الدين حتى ننصح بالهداية، فيقال إن جلالته أدرى وأكبر ثقافة للحكم إن كانت التقارير الأممية حول المخدرات المغربية تبارك إيمانه، ولن ندّعي الدراية الواسعة بخبايا الطب والصناعة لنختبر الجار ونفند محاولاته إقناع البعيد والقريب أن ثقافة زراعة الحشيش بريئة لا تملك نوايا خبيثة، لكن مجرد السماع أن بعض المزارعين المغربيين قرروا “عدم بيع الحشيش للكيان الصهيوني نصرة لغزة بسبب ما تتعرضه من عدوان” -كما تناقلته منابر إعلامية مغربية- فذلك كافٍ لنقتنع أن مفعول حقنة القصر العلوي قوي، وقد نحصد أو نلام على حشر الأنف فيما لا يعنينا لكن لو فكر الجار في حلول للبطالة التي كشف عن نسبتها، منذ أيام، بسبل أنظف لما كانت مزارع الحشيش مساحات لامتصاصها، لكن السيناريو بات قناعة فتم توسيع الرقعة المخصصة للمجال، ويوما سيفهم العالم رسالة الجزائر ويدرك أن تحذيراتها ليست “ميتومانيا”..

شارك الموضوع
%d مدونون معجبون بهذه: