المخزن يريد أن يُلبس فرنسا حذاءه المتسخ لعودتها الى افريقيا
الدولة الفرنسية لم تستسغ بعد، طردها جهارا نهارا من دول الساحل ولم تستوعب كيف أن نفوذها التاريخي في القارة الأفريقية أصبح مضايقا ومهددا بالانكماش الحقيقي لتعود الى حجمها الطبيعي جغرافيا وسياسيا واقتصاديا، فرنسا كُبرى لكن ليست عُظمى.
إن المخزن المغربي في نفاق مفرط يريد من فرنسا أن تلبس حذائه المتسخ بالرشوة والحشيش والتجسس للمرور نحو إفريقيا للاستلاء على خيراتها ونهب ثرواتها، “إن فرنسا بدون إفريقيا لا شيء” كما قال حينها الرئيس السابق جاك شيراك. إن الإستراتيجية الفرنسية تتحرك ضمن خريطة سياسة النفوذ والصراع المحتدم بين أكثر من جهة، للسيطرة على الغرب الإفريقي والساحل: خزان الطاقة وكنز المعادن الثمينة. فرنسا تجد نفسها جد متأخرة عما يجري في المنطقة. لكن هل نظام ملكي مهترئ ينتهشه المرض وتعصف به الأزمات الاجتماعية والاقتصادية بحيث ديونه وصلت الى 90 في المئة من الناتج الخام الوطني، هل بقادر أن يكون رافعة لعودة النفود الفرنسي حتى لا نقول الاستعمار الفرنسي الى افريقيا في ظل التحولات الراهنة التي يشهدها العالم؟ هل فرنسا ساذجة الى درجة تراهن في سباق الموت نحو النفود، على فرس خاسر كالمخزن المغربي؟
إن فرنسا لن تشتري الوهم من حكام الرباط الغارقين في حرب الصحراء الغربية حتى أصبح صراخهم يُسمع في قاعة مجلس الأمن مطالبين بوقف إطلاق النار كما طالب به الحسن الثاني من قبلهم ولن تعول في إستراتيجيتها الأفريقية على المغرب الذي تمكنت إسرائيل من ناصيته ويؤتمر من طرف اللوبي الصهيوني الذي وصلت يده الى وزارة الأوقاف المغربية فما بالك ببقية دواليب الدولة. إن فرنسا تعرف من أين يؤكل الكتف كما يقال فقد توجهت الى المغرب في اعتقادنا لأمرين لا ثالث لهما:
أولهما حل معضلة أزمتها الاقتصادية بحيث وصلت مديونيتها الى 120 في المئة من إجمالي الدخل الوطني.وكالة التصنيف الانتمائي قد صنفت فرنسا بإشارة”AA ناقص”.
إن فرنسا تواجه فعليا من خلال هذا التصنيف الدولي تحديات مالية تتمثل في عجز الميزانية وارتفاع نسبة الدين مما يؤثر سلبا على ثقة المستثمرين ويزيد من احتمال ارتفاع تكاليف الاقتراض فضلا عن البون الشاسع الذي أصبح يفصلها عن غَرِمتها المانيا ذات التأثير المتصاعد على القرار الأوروبي، كما أن تقريرا من مركز الدراسات الاقتصادية الأوروبي أشار أن فرنسا تعرف انحدارا اقتصاديا سلبيا سيتواصل الى حدود سنة 2029، من هنا لا غرابة و الحالة هذه أن تُقايض فرنسا قضية الصحراء الغربية بالاستحواذ على ثروات المغرب وتحويلها لإنعاش الاقتصاد الفرنسي و ملء جيوب الفرنسيين و ما توقيع 40 اتفاقية في ظرف 24 ساعة بالرباط، الا غير دليل على شراهة الغول الفرنسي الجائع و المتعطش الى تجاوز معضلته الاقتصادية على حساب عرق جبين الشعب المغربي البئيس.
ثانيهما إن فرنسا بمعرفتها الدقيقة بخبايا المملكة العلوية التي تأسست على يد الجنرال الليوطي الذي جعل لها علما ونشيدا، تستشعر بالخطر المحدق بالقصر الملكي نتيجة مرض الملك و الصراع المحتدم على من سيخلفه. إن الدور الذي تلعبه أمريكا والكيان الصهيوني في ترتيب البيت المغربي لصالحهم باختيار من سيجلس على عرش المملكة بعد وفاة محمد السادس استنفر الأجهزة الفرنسية و وضعها في حالة طوارئ قصوى.
المغرب يمثل لفرنسا عبر التاريخ حديقتها الخلفية و محميتها الخاصة، بالتالي لا يمكن أن تفرط فيها و تتركها لقوى أخرى، أما موضوع اعتراف ماكرون في آخر عهدته بمغربية الصحراء فذلك مجرد الضحك على البلهاء من المغاربة من أجل المزيد من ابتزازهم و إخضاعهم للسيد الفرنسي، لأن لا ماكرون و قبله اترامب و غيرهما يمكن أن يغير القانون الدولي الذي هو الى جانب الشعب الصحراوي فضلا أن الصحراء الغربية لها شعب يدافع عنها بكل قواه ودولته عضو في الإتحاد الأفريقي و حاضرة في اغلبية المحافل الدولية رغم أنف نظام الاحتلال المغربي.
إن فرنسا الخبيثة باعت الوهم للمغرب وحصلت على رافعة لاقتصادها الوطني من ثروات الشعب المغربي مدركة في نفس الوقت بأن المغرب المفلس ليس هو البوابة الفعلية للدخول الى افريقيا وقد جربت قبل ذلك إسرائيل وبائت بالفشل ولن تلبس الحذاء المغربي المتسخ نحو افريقيا والأيام لا شك ستحول رقص و فرح البرلمانيين الملكيين على المعزوفة الماكرونية الى حصرة و ندم.
بقلم: محمد فاضل محمد سالم الهيط