عرض بهلواني: دبلوماسية المغرب في مهرجان التهريج السياسي

في مؤتمر طوكيو الدولي للتنمية في أفريقيا (تيكاد)، حظي العالم بمشهد قلّ نظيره في تاريخ الدبلوماسية الدولية. كان المشهد بمثابة “مسرحية هزلية”، قدّمها دبلوماسي مغربي قرر أن يرتقي بمهاراته في فنون العبث إلى مستوى جديد من البهلوانية السياسية. بينما كان السفير الصحراوي جالسًا بكل هدوء، كجبلٍ لا تهزه رياح الفوضى، راح الدبلوماسي المغربي يتقمص دور “البطل التراجيدي”، متوهمًا أن الساحة الدولية مكانًا للاستعراض الفارغ والطويل.

لقد بدأ العرض حينما انطلق الدبلوماسي المغربي كالمهرج المندفع نحو هدفه المزعوم – العلم الصحراوي. ربما ظن أنه بتمزيق هذا الرمز، سيخمد صوت الحق ويمحو القضية الصحراوية من الوجود. لكن ما حدث كان أشبه بمحاولة يائسة للفت الأنظار في سيرك سياسي، حيث كان الدبلوماسي المغربي، بكل حركاته الصاخبة، يقدم أداءً يليق بمهرج فقد توازنه على حبل مشدود.

السفير الصحراوي، الذي لم يأبه لهذه الفوضى، ظل جالسًا كأنه لا يرى سوى الفراغ أمامه، تاركًا الدبلوماسي المغربي يتخبط في جهله وعجزه. وكأنما أراد السفير الصحراوي أن يقدم درسًا في فن التجاهل الراقي؛ إذ كيف لعاقل أن يرد على حماقة بهذا الحجم؟! وكما يقول سقراط: “لا توجد حجة أقوى من الصمت”، فقد كان صمت السفير الصحراوي أبلغ من أي رد، مسلطًا الضوء على الفشل الذريع الذي وقع فيه الدبلوماسي المغربي.

وفي ذروة هذا العرض الهزلي، تدخل الأمن ليسحب البطل المزعوم من المشهد، وكأنه يُخرج ممثلًا فاشلًا من خشبة مسرح تراجيدي. يا لها من نهاية تليق بمثل هذه المسرحية! كان الأمر أشبه بفضح حيلة خداعية أمام جمهورٍ مستمتع، حيث أدرك الجميع أن الدبلوماسية المغربية لم تفعل شيئًا سوى كشف نفسها أمام الملأ.

لقد أظهرت هذه الواقعة أن “التهريج الدبلوماسي” لا يصنع قوة، وأن محاولة إسكات الحق بالصراخ والفوضى ليست سوى حيلة يائسة. لقد قدم الدبلوماسي المغربي عرضًا لا يُحسد عليه، حيث لم يكن هناك سوى الصدى الفارغ لتصرفات عبثية، وابتسامة شامتة تعلو وجه السفير الصحراوي. ولعل أكثر ما يمكن قوله عن هذه المهزلة، أنها كانت شهادة حيّة على أن “من كان بيته من زجاج، فلا يرشقن الآخرين بالحجارة”.

في نهاية هذا العرض الساخر، لم يتبقَ سوى أن نتساءل: هل يمكن لدبلوماسية دولة أن تهوي إلى هذا الدرك من الاستعراض البائس؟ الجواب واضح، فقد أثبتت هذه الحادثة أن بعض الدول لا تزال تفضل التهريج على الحوار، والعبث على المنطق. لقد كان الدبلوماسي المغربي نجم هذا العرض الهزلي، لكنه نجم في مسرحية لا تستحق سوى الازدراء.
بقلم: لحسن بولسان

شارك الموضوع
%d مدونون معجبون بهذه: