“ياقوم لاتتكلموا…” صرخة من رحم الأزمة!!!

إن الخروج من متاهة التفكير ودوامة التنظيروالتحليل الى تصور واقعي وعلمي يقارب الأشياء يقتضي طرح بعض الأسئلة المرهقة ما دمنا غرقى في لجة إشكالية البحث عن علاج ذاتنا الموجعة:
هل حقا التنظيم السياسي في أزمة؟وإذاكان الأمر كذلك ؛ماهي إذن معالمها وما تداعياتها على مسارنا السياسي في كل مناحيه؟
أسئلة محرجة حقا ونحن مشدوهين أمام أمرين لا ثالث لهما:
الصمت والتعايش والتساكن مع ظلال الأزمة وانعكاساتها ورموزها،أو إماطة اللثام عنها وتعرية العوامل المعيقة للفعل والإنطلاق والمكبلة لنهج التغيير والإصلاح واللاجمة للضمائر الوطنية التي تصدح هنا وهناك..منادية ما العمل لكبح تلك المظاهر الإرتدادية التي باتت تؤرق سواد الشعب؟
إننا من كثرة ما نحن عليه من بؤس في التفكير وتخبط في التدبير أضحت أسئلتنا تقليدية تمر دون صدى تخترق المدى عبثية أحيانا- وقد اسقط في أيدينا – لكثرة الإلحاح وغلبة الصمت!!!حتى الأسئلة ماعادت لها “نكهة” السؤال..ماعادت مبعثا للحيرة والقلق نضبت إذ لابصيص أمل يرنو في الأفق وليس هذا تعبيرا عن موقف عدمي لأن تجربتنا حبلى بالطاقات والقدرات وإنما هو تقرير لوضعنا الذي يعتريه الجمود والمعيقات التي تكبحه عن التفكير والبحث والإنطلاق من جهة ودعوة جادة للنهوض من كبواتنا المرحلية!!!
كيف يمكننا و الحالة على ماهي عليه التخلص من قيودنا؟..إنه لمن الصعب التحرر من مخلفات هذا الوضع ما دامت الأفواه مكبلة و الآذان صماء مادمنا نسير على غير هدي في عالم من التيه والإرتجال، مكبلين ، حيارى…تحت عنت وصلف منظري الأزمة!!!
وليس هذا تشاؤما بل هو صرخة في وجه الجمود الفكري والنمطية السياسية القاتلة!
طبعا ، إن التغيير المنشود هو ولادة قيصرية من رحم الأزمة لا يأتي بدغدغة العواطف واسترضاء الخواطر فلا بد له أن يكون حادا ومؤلما كما هي كل ولادة مستعصية !!ولكن بالقطع ستكون له انعكاسات جد إيجابية على التجربة الثورية لصون مكاسبها وصقل مواهبها في إنبعاثة مفروضة ظرفيا نظرا للتحولات في المحيط بمعناه الشامل..فنحن لما نبلغ بعد المنتهى، لانعيش هذه المتغيرات وكأننا بمعزل عما يدور حولنا!.نخال الواقع هادئا وهو يغلي ،نخاله متناسقا؛ وهو مقطع الأوصال نخال الطفل الذي نشأ مكتملا فنعزف عن مده بوسائل المنعة والنمو والصمود في وجه عائدات هذا الزمن الذي لا يرحم!!!
إن أفضل وسائل الحصانة هي ترقية التربية السياسية ونحن أحوج إلى ذلك عوض أساليب التلميع والترقيع والتركيع..ولن نغوص في غور الأزمة وظلالها ولن نشرح حقولها فهي بادية للعيان في كل المحطات و الحقول حتى أصبحت حديث القاصي والداني تلوكها ألسنة البحث والقلق في المجالس خفية وعلانية ولا من مجيب!!! إنها نسخ منسوخ مجتث من الفوضى العارمة في الأداء…وقبل الأداء في غياب الأداة الفاعلة وتحلل المفاهيم والقيم وسيادة منطق المجاراة والموالاة والمحاباة…فانعدم النقد الثوري الذي هو السلاح القمين بتفكيك الظواهر ودراستها دراسة علمية مبنية على التفكير والتحليل وتقديم البدائل المناسبة للإنطلاق بشكل تصاعدي واقعي وعقلاني يهدم ليؤسس..فلا بد من خلق جدل الهدم والبناء حتى نزيل الشوائب العالقة والنتوءات السلبية التي تمخضت في غمرة الوهن التنظيمي…وهذا بيت القصيد!!
فهل نحن الآن في حاجةلتجديد الكوادر أم “كوادر التجديد”؟ فالتنظيم ليس قالبا جامدا بل هو في الأساس نظريا في تصوري المتواضع جملة من الرؤى والتصورات بمعنى آخر هو ذلك الإطار المفاهيمي الذي تنبني عليه التوجهات وتتخذ المبادرات..هو الروح النظرية كأساس للممارسة الثورية وفي غياب هذا العمق نكون قد جسدنا قول الشاعركونه: “مجوف نخب هواء!”إذن ما العائق الذي يقيد العملية الثورية عن أداء مهامها؟
لايختلف إثنان أننا منذ نهاية الثمانينات بدا يهيمن على المشهد السياسي توجه وصولي يولي أهميته لترسيخ “مكاسب” مابعد “المخاض الثمانيني” عبر تكريس تحالفات المصالح وإذكاء التجاذبات “السياسوية”..وكان من نتائج ذلك أننا مكرهين أفرغنا التنظيم من محتواه مداراة للبعض وحفاظا على اللحمة والتوافق الجماعي!!من هنا بدأت النكسة ولنكن صريحين مع أنفسنا للإقرار بذلك فأوغلت فينا كل المساوئ نهشا وقضما وأحيل إلى المعاش ذلك الحس النقدي والإلتزام بالمبادئ والقيم وفقد التنظيم هيبته ومصداقيته وأصحبت كل المظاهر والظواهر المشينة مشاعة فتعايشنا معها دون أن نقوى على المجابهة ولا أدري لماذا؟!!
ألخوفنا من تفكيك هذا الرباط الهش؟ أم أننا نترقب القدر إحداث قفزة من تلك الهوة السحيقة التي لانستطيع معها حراكا؟
لابد من القطيعةمع هذا الواقع المهلهل وأدواته وعرابيه حتا نصون التجربة الثورية ممثلة في الجبهة الشعبية ونعيد لها ألقها وإشعاعها الفكري الذي تحلل بفعل فاعل!!!
إشكاليتنا بكل بساطة تتجسد في تغليب “مفهوم الدولة على حساب الثورة..”في هيمنة عقلية المناصب والمصالح وتحكم الأساليب البيروقراطية في إدارة شؤوننا الوطنية..
فهل هناك آذان صاغية؟؟
م. النعمة علي سالم

شارك الموضوع
%d مدونون معجبون بهذه: