نقطة نظام : أوراق تحترق : الفصل الأخير من المناورات (الجزءالأول)
لايكاد يخلو وضعنا الراهن من الهشاشة والوهن والتحلل المتعددة اوصافه وصفاته ؛ ولكننا سنقف في هذه الدردشة -ولا أقول المعالجة لأن الأخيرة تقتضي شروطا وأدوات مغيبة في الوقت الحالي – عند صنف واحد كان يرشح من ثنايا التجربة كإفراز طبيعي وواقع معيش تآلفنا معه ودثرناه عباءة “الطهر” إضراريا كيلا نخدش أنفة وكبرياء بعض الأدعياء على الثورة والمتزلفين…إنها “الخيانة” يا سادتي الكرام ؛ تلك الأوراق المحترقة كوصمة عار وسمت بعض مراحل الثورة وكانت ملاذا للأفاقين والمزايدين السياسويين المحتمين بالقبيلة أحيانا والوجاهة العائلية و و… وتراخينا في قطع دابرها في المهد حفاظا منا على “وحدة الصف”بضم عناصر هجينة رغم معرفتنا بإنزياحهاعن الخط تاريخيا وماضيها السيئ ..!!!خبروني بالله لماذا لجمنا أنفسنا صاغرين فأنصعنا إنصياع الأعمى لإملاءاتها ،رغباتها وتطلعاتها الإنتهازية طيلة فترات طويلة ؟ ألخوفنا إرتماءها في أحضان العدو وهي الغارقة في وحل النذالة والعمالة؟ أم أننا كنا نتساوق مكرهين مع تلك المقولة الإستسلامية والإنتهازية بأننا في أمس الحاجة لكل الأوراق ومحاباة الأذواق حتى تستنفذ ما لديها ، وتذبل خلال المسير فيلفظها التاريخ؟ إنه بالقطع رهان خاطئ كرس مفاهيميا تعايش الغث والسمين دونما غصاضة أو تحرج فالغاية بالمنطق الميكيافيلي” تبرر الوسيلة” !! أم ان الامر ببساطة مرتبط بعقلية إجتماعية مهادنة تتقصى ترضية الجميع “ولا تعكر لخلاك”؟
كل هذا -من وجهة نظري المتواضعة – مرتبط بنمط التفكير، وضعف الرؤية السياسية الذي ينم عن سوء في التدبير والتسيير والتقدير وهو إنعكاس لنماذج الوهن السياسي المفرط في غبائه أو ربما محاولته إستغباء الآخر ..
الآن وبعدما “بلغ السيل الزبى”كما يقال ؛ أصبحنا نشحذ ألسنتنا شجبا وإستنكارا وامتعاضا من ظاهرة الخيانة وكأنها وليدة اللحظة!! طبعا لايختلف إثنان بكونها ظاهرة عامة واكبت التجارب البشرية مع اختلاف في الحدة لكنها من حيث المنشإ تشترك في خاصية البحث عن المصلحة الذاتية بمنطق وصولي مقرف، ومهما كان الثمن، وتستشري في اوصال المجتمعات التي تتعرض للهشاشة بمفهومها الواسع في مرحلة ما ؛ فيكون الوضع الإستثنائي المترهل تربة ملائمة لترعرعها ونساهم نحن تحت غائلة المناخ السلبي في نمائها عن وعي وبأساليب ملتوية فاسحين لها المجال بالإنتشار كالسوس الذي ينخر الجسد..إنها محكومة النماء بهذا المناخ “الملائم والصحي ” وبالجشع اللامتناهي للنفوذ والسلطة والجاه ودون أية روادع أخلاقية..
هذا اللقيط الخارج من رحم المعاناة والجاثم على مآسي الشعب بلغ ذروته الآن مخولا لنفسه- على أنقاض محاولات قبلية (بجزم الباء )يائسة ومحتشمة في مرحلة متطورة من التغول المذل وبكل وقاحة- إظهار وجهه الحقيقي تحت تسمية “مجموعة الإستسلام” خارجا عن المالوف تنفيذا لأجندات المخابرات الأجنبية و”الخروج عن العادة بلاء”.كما يقال.إن بلوى هؤلاء الأقزام تتمثل في إنفضاح أمرهم كونهم يمثلون الطابور الخامس الذي تتقاذفه أطماع و مصالح إقليمية متشعبة ونزوع نحو الإستفادة من هذا وذاك!!!
إذن كما تلاحظون هذه العناصر الهجينة خرجت من فقاعة الخيانة المستترة إلى الظهور العلني المخجل لأنها كأدوات عميلة وبكل بساطة ووقاحة استنفذت كل مالديها من أساليب العمالة والتشويش والمزايدة داخل الوسط الطبيعي ؛ والآن تستعد لتأدية أدوار متقدمة في الخيانة ..هي الآن توشي هذه المرحلة كبيدق قذر يطوحه التواطؤ الإسباني/المغربي حسب مصالحه هنا وهناك عبر خرجات ومسرحيات لا تقنع حتى مخرجيها .وهنا يفهم سياق تلك الصور المبتذلة والبهرجة الإعلامية السوقية والضوضاء والتهريج بل وكل اشكال التشويش على النضال الوطني.. لكن السفلة من رواد الخيانة والذين يتبوؤون قمة العمالة لايخجلون عن تأدية أدوارهم في التمثيل كدمى تفتقر للحس والضمير فهم يعكسون بلادة الإختيار لأنهم يعاكسون مجرى التاريخ..
ومن هنا يتبادر إلى الذهن سؤال جوهري هام: لماذا كل هذه الضجة المفتعلة لبيادق الإستسلام في هذه المرحلة ؟وماهو الحجم الحقيقي لتلك الفقاعات الناتئة من عمر التجربة ؟وما مصير هذه المحاولات في أفق ما تشهده القضية الوطنية من تحولات على الصعيدين الدولي والإقليمي؟ (يتبع)
بقلم: م.النعمة علي سالم