نقطة نظام:الوطن والهوية في دائرة الاستهداف ، فأين نحن..؟
تقوم سلطات الاحتلال المغربي هذه الايام بحملات شعواء لاتبقي ولاتذر ، تجهز على الأخضر واليابس مستهدفة بالاساس ممتلكات الصحراويين المدنيين خارج المجال الحضري الصحراوي .ولا تعد هذه الإجراءات الإجرامية سابقة في ملف نظام الإحتلال؛ بل تواترت منذ استيلائه قهرا وظلما على وطننا مع بداية الغزو الهمجي في ال31 أكتوبر من 1975.
وإمعانا منه في الإجرام والقمع؛ يعود اليوم الى نفس الاساليب متفننا بكل خسة ووضاعة وتشف لتعميق أشكال البؤس والحرمان، وفقدان الأمن والأمان عبر استهداف ممتلكات العائلات الصحراوية المحاذية للشاطئ بعدما أجهز في مراحل سابقة على أخرى بالارياف..ولاتحكم هذه التصرفات الإجرامية أية معايير أخلاقية. فهي بعيدة كل البعد عن الإنسانية ولاتصغي وتخضع لأي رادع قانوني مستباح بموجب القانون الدولي!!
إن متابعتنا لصور البطش والتنكيل التي طالت أسرنا بالمناطق المحتلة بين صراخ الحرائر، واحتجاج العوائل، وأنات المستهدفين شيوخا وشبابا تبعث في القلب حرقة، والنفس امتعاضا ، وتحرك فينا على ابسط تقدير وجوب الدعم والتضامن مع هؤلاء الضحايا الأبرياء .وكلها أساليب منبوذة لشعب جبل على رفض الضيم والإكراه، وكل أشكال الظلم والإسترقاق الإستعماري..يتكرر المشهد في صور دراماتيكية متلاحقة مؤججا في الجميع ضرورة الرد والمجابهة لهذه الآلة الجهنمية المحكومة بغيظها الدفين ، وحقدها اللعين لكل ماهو صحراوي بحت. فالخيمة مصدر أرق وقلق، والزي الوطني مؤذية رؤيته، واللهجة مثيرة للإستهجان والتندر. وتقوم القائمة لما تصدح الحناجر بأصواتها المتعالية هنا وهناك تذمرا واحتجاجا ورفضا لواقع الاحتلال الجاثم على أرض وطننا السليب ، وتمجيدا لإرتباطها العضوي بالجبهةالشعبية لتحرير الساقية الحمراء و وادي الذهب.
إن هذه الممارسات المشينة ذات ارتباط وثيق بمعدن النظام المخزني وتركته التاريخية، وبمخزون متوارث من تجارب الأنظمة القمعية على غرار مايمارس في فلسطين المحتلة على يد الصهاينة. تختلف المواقع لكنها تشترك في خاصية الصلافة والعنت ، وكل صور القهر والإستبداد ونماذجها المقرفة. فديدن الاحتلال واحد، واهدافه الخسيسة لاترعوي عن نفث عدائها وسمومها، والتفنن في كل ما من شانه إهانة الكرامة الانسانية.
إن النظام المغربي كلقيط للإستعمار الفرنسي صار يبدي اهتماما قل نظيره -كتلميذ مخلص- لكل مظاهر الإجرام الاسرائيلية قحة ووضاعة لسحبها على أرض الواقع : استيطان هناك واستيطان هنا، تشريد هناك وتشريد هنا، قمع و اعتقالات بالجملة هناك ؛ وهنا لايسلم المواطن من جور البغاة من سلب وتدمير ، وحرق للمتلكات ..حدث ولا حرج. والأدهى من كل هذا أننا بتنا نجابه – وبرعونة قصوى- طمسا للهوية لإجتثاث حس الإنتماء، ودفن القضية فشبابنا يتعرض يوميا لأبشع انواع الإستيلاب ضحية كل أشكال الإغراء والتغرير ،والعهر و التخدير، فضلا عن مظالم البؤس والتهجير!! فالوطن السليب أضحى ساحة للتجريب والتخريب، للإتلاف والإستنزاف. إن العديد منا لا يعي أن الصورة القاتمة قد وضع إطارهاالمحتلون الغرباء وساهم ويساهم في تشكيل ألوانها الدامية ودعاماتها المخزية بالملموس أقلية متحذلقة بحكم الهوى والمصالح والنفوذ ؛ لاترتدع عن زرع الشوك في أعماقنا ، مكدسة الثروات، غارقة في ملذاتها وثرائها الزائف لتضاعف نكبة المواطنين البسطاء بالترهيب والترغيب ، وكل ألوان الإبتزاز السياسي. تلك البورجوازية الهجينة والمقيتة الخارجة من رحم الإستعمار والمتلمظة شغفا لإلتقاط المنح والهبات والإمتيازات على حساب ويلات المحرومين من أبناء جلدتها ، وأناة الثكالى والأيتام ، وصراخ المظلومين ،ومعاناة المعتقلين والأسرى الذين ضحوا بالغالي والنفيس لينعم الوطن بالحرية!!!!……
لقد آن الوقت لنصرة المقاومة بالمناطق المحتلة -وأكثر من أي وقت مضى- ولامجال الآن للتذبذب ؛ وليعلم الجميع أن الإستهداف في نهاية المطاف لن يفرق بين الرفيع والوضيع . إن هؤلاء الوضعاء في عرف الشرع والأسياد وعلى حد سواء اكثر نذلا وحقارة لأنهم متواطئون ف”من خان وطنه لايؤتمن جانبه”..!!!
كل الصحراويين مدعوون إلى تعميق الوعي والتحلي باليقظة في وجه المؤامرات التي تحاك ضدهم -ومن عدة أطراف- خاصة في هذا الظرف العصيب. كما هم مطالبون برفع وتيرة التحدي والصمود لإفشال كل المخططات الإجرامية ..
إن التحركات المغربية المشبوهة هذه الأيام ؛ تشي بوجود مؤامرة خطيرة تحاك في الخفاء متعددة الفصول والادوات تشكل الأطماع الأجنبية من قوى دولية نافذة، وخليجيين، وصهاينة رأس حربتها ؛ والنظام المغربي عرابها المفضل ف”لا دخان بدون نار”. وليس هذا التهافت على المنطقة إلا مؤشرا لمرحلة تتشابك فيها وتتداخل مصالح الاحتلال وبعض القوى الدولية التي يسيل لعابها لما يزخر به وطننا من ثروات وبعد استراتيجي ؛ وفي هذا السياق تندرج عملية المسح والمسخ الإجرامي لمتلكات الصحراويين توطئة لتتفيذ اجندات خارجية لم تتضح كل معالمها وفصولها بعد!! فأين نحن من كل هذا؟
م.النعمة علي سالم