نقطة نظام :اعتبروا

في بحر تأملي استوقفتني عبارات ربما تثير وصف جزء من واقعنا المرير، عبر نصف قرن من الدم والدموع والعرق، ونكران الذات، ومن التأمل في بحر هذه النهضة التي أنار دروبها فقيد الأمة الصحراوية:محمد سيد ابراهيم لبصير، وواصل اشعاعها الشهيد الولي مصطفى السيد، و الشهيد محمد عبدالعزيز والاف الرجال الأوفياء الذين سقطوا في ميدان الوغى، والاف النساء اللائي قدمن فلذات اكبادهن فداءا للوطن فاضحين ثكالى، بل تحملن معاناة السجون الرهيبة، بل قارعن العدو على ثلاث جبهات:
أولها: الجهل ونتاجه القبلي المقيت
ثانيها: جبروت االعدو الغازي وبطشه وحرقه للأخضر واليابس.
ثالثها: محاربة الشر في الأفكار المستوردة، طبقا للمقولة الشهيرة:الخير والشر في الأفكار كما في الرجال.
لا شك أن الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء و وادي الذهب لعبت دور الأم، ربت ،علمت، حاضرت، ضحى العقائديون من رعيلها الأول لإتمام تلك النهضة المباركة.
السؤال الذي يطرح نفسه:ترى هل ابناء تلك الأم الصبورة لعبوا دور الأبناء البررة؟أم انساقوا وراء العقوق بعيدا عن البر بتلك الأم التي هي منبع صنع الرجال والنساء، أم أملت عليهم مصالحهم الذاتية التيه في العقوق واتباع تلك السراديب المجهولة الهوية فارتموا بدون وعي في أجهزة المخابرات العدوة، بل اتبع بعضاهم في الغالب الزيف الذي غالبا ما يتغلب على الصدق، فلا شك أن الزيف سهل التداول من الصدق الذي عادة ما ينير الطريق السوي.
كما أن بعض هذه الأجيال كما بعض القديمة أحياءا تتلقف الردئ من السلوك قبل الجيد، ولو أنها بقيت على الطريق السوي الذي بناه الأماجد والماجدات من ابائهم وامهاتهم والذين قالوا على مر العصور:الجالس على الأرض لا يسقط.
لا يستطيع المرء أن يعمم فمن الجيل المتلقي للأحسن، فانساب الى صالح الوطن، ورسخ العقيدة، فأضحى نبراسا يقتدى به، ومنهم من استشهد في ميدان المعركة ومنهم من دافع بالغالي والنفيس عن حرمة الوطن والشعب، هلا تسربت الغيرة الى نفوس من فضل عقوق الأم ليستنير بالبررة؟
هنآك مقولة لبعض الباحثين:”الناس يعترفون في نهاية المطاف بالعمل الجاد، الشريف مهمآ تنكروا له وأساؤوا فهمه في البداية “،وهذا ما تعرضت له ثورة الشعب الصحراوي المعاصرة بداياتها الاولى، ثم اعترف بصدقها وهادفيتها في نهاية المطاف ولم يعد يغرد خارج السرب الا كل معتد أثيم.
اليوم يحذر المرء نفسه من اللذين يدعون المعرفة بكل المجالات مع ان أغلبهم لا يعرف مجالا بعينه، بل يدعون معرفة كل شيء ومع ذالك لايعرفون ميدانا واحدا. وكماقيل سابقا:الخير والشر في الأفكار كما في الرجال
لقد بلغت من العمر عتيا ومع ذلك لا يمكنني الا أن أشير الى قول أحدهم:الصراعات غير النظيفة تشكك في كل كلمة، وفي كل حركة، تستغل الوضع وتستثمره لصالحها الظرفي،والله سبحانه وتعالى يقول:”ان الانسان لربه لكنود”وهو الذي لا يذكر الفضائل. بل يذهب اكثر الى الهفوات دون ذكر النعم.
فالانسان الواعي اللذي يتبع عقيدة راسخة لن يتيه حتى يستنبط الصالح من الطالح والا يصبح كالذي يرمي بنفسه في الماء كي لا يبلله المطر..

في نهاية نقطة نظامي هذه احيل المطلع الى استنباط بعض المفكرين الوطنيين قائلا:”انه لشيئ محزن حقا أن تنتهي الشعوب التي كانت بالأمس يحسب لها ألف حساب الى حالة ينعدم فيها الإحساس بالرؤية والهدف، تعيش التيه والضياع، فلا تدري في يومها ما سيأتي به غدها، تصبح غير قادرة على استشراف آفاق المستقبل، لمواجهة المخاطر والتحديات، واجتياز الخط الفاصل بين أن تكون أو لاتكون .
فاعتبروا ابناء وبنات وطني الجريح.
بقلم: محمد الأمين أحمد

شارك الموضوع
%d مدونون معجبون بهذه: