“فلسطين”: الجزائر، جنوب افريقيا والمروك الصهيوني
غزة العزة تعري المطبعين وتبزق في وجه المتخاذلين في الداخل الفلسطيني ومن خارجه. مئة يوم تمر على غزو الكيان الصهيوني لقطاع غزة ولم يحقق هذا الأخير ما يفتخر به سوى قتل المدنيين الأبرياء في وقت أظهرت فيه المقاومة الفلسطينية نوعا من البسالة والبطولة قل نظيرها ممرغة أنف الجيش الذي لا يقهر في التراب ومعيدة الى الصواب المعادلة المنطقية بأن صنع الرجال ذوي العقيدة المتينة والمؤمنين بالنصر الحتمي هو أقوى سلاح واخطره على الإطلاق.
لقد أفرزت غزة البطولة من هم أصدقاء شعب فلسطين الحقيقيون، الذين أوفوا بالعهد الذي قطعوه على أنفسهم ” نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة” والذين كرروا منذ الوهلة الأولى ” لن نهرول الى التطبيع” تلكم الجزائر الشامخة التي أبانت عن وجهها كما هي العادة وقالت لن يباد الفلسطينيون ونحن نتفرج وواجهت الغرب برمته في مجلس الأمن الى أن فرضت يوم أمس الأول تمرير قرارها بالإجماع القاضي بمنع تهجير الفلسطينيين خارج أرضهم، قاطعة بذلك دابر القوم الذين ظلموا من دول الحلف الأطلسي ومُقلمة أظافر ربيبتهم الدول العربية المطبعة مع بني صهيون.
الجزائر التي رفضت منذ اليوم الأول التخاذل العربي الإسلامي أمام تغول الغرب الذي تسابق زعماؤه الى تل أبيب، لنجدة الكيان الصهيوني الظالم وتجنبت حضور مهزلة قمة الجامعة العربية بالسعودية التي خرجت بصفر مكعب نتيجة، وقادت لوحدها حملة واسعة لجر دويلة إسرائيل أمام محكمة الجنايات الدولية وعينت محامي جبهة البوليساريو السيد جيل ديفيرز الذي انضم اليه الى حد الساعة أكثر من 300 قانوني الذين يستعدون للمرافعة أمام هذه المحكمة على تكلفة الدولة الجزائرية.
وعلى بعد الاف الكيلومترات ولا علاقة دين أو لغة أو جنس،تجمعها بفلسطين، دولة جنوب افريقيا بلاد ” نيلسون مانديلا” التي تقدر معنى الحرية وتعرف معنى بطش الاستعمار والظلم والميز العنصري رفعت راية التحدي بدون خوف او تردد، أولا في وجه العالم العربي الإسلامي المبتل السراويل وثانيا في وجه عنجهية أمريكا وبريطانيا و دويلة إسرائيل و من لف لفهم، بسحب سفيرها من تل أبيب مسجلة في نفس الوقت موقفا تاريخيا لن ينساه الشعب الفلسطيني والشعوب العربية المدجنة على مدى العصور، لكونها أول دولة تتجرأ على جر إسرائيل من أنفها امام العالم والرمي بها في قفص الاتهام أمام محكمة العدل الدولية و هو الشيء الذي لم تكن تتصوره إسرائيل قط لغرورها وعجرفتها،. حيث أذعنت إسرائيل مكرهة الى الامتثال أمام المحكمة بعدما اعتقدت أنها أعظم شأنا من أن تقف متهمة بجريمة حرب إبادة وهي الدولة “الديمقراطية النظام، الغربية الاتجاه واليهودية العقيدة”.
في وقت تتقدم جزائر بن لمهيدي وجنوب افريقيا مانديلا قوى نصرة فلسطين ومن وراء ذلك نصرة الشعوب المظلومة، يعلن نظام المروك الصهيوني وبافتخار عودة العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل بعد توقفها الموقت بسبب الحرب الحالية وحسب بيان وزارة الخارجية المغربية فإن مكتب الإتصال المروكي في تل أبيب حدد موعد يوم 22 يناير الجاري تاريخ بدء انشطة كافة مرافقه بما فيها القنصلية ودعا في رسالة موجهة الى الصهاينة من مَن يريد الحصول على تأشيرة سفر الى المملكة المغربية ” الشريفة” فل يتقدم بطلب من الآن.
إنها الوقاحة بعينها وصدق من قال إن لم تستح فافعل ما تشاء.
إن كان البعض يهب لنجدة فلسطين وشعبها الذي ينزف دما وتتطاير أشلاء أبنائه اربا اربا في حرب إبادة لم يشهدها العالم ?من قبل باعتراف هيئة الأمم المتحدة، يسارع المغرب الصهيوني الى التنفيس عن الكيان الإسرائيلي وتقديم له شهادة الانبطاح مع تعرية المؤخرة، ليفك من عزلة عصابة تل أبيب ويوحي بتحرك قطار التطبيع الذي أوقفه رجال القسام ونسفت المقاومة سِكته المؤدية الى وأد القضية الفلسطينية وخذل الشعوب العربية.
إن المخزن الذي لم يحترم مشاعر شعبه الذي غمّس كبريائه في وحل الذل والهوان وبيع الضمير لبني صهيون، لم يستح ودماء الأشقاء الفلسطينيين تنزف والشهداء يتساقطون كل دقيقة وثانية في غزة والضفة الغربية من ان يشجع المجرمين الصهاينة على طلب تأشيرة السفر الى المغرب لأخذ قسط من الراحة النفسية والاسترخاء واشياء أخرى بعد مئة يوم من نار جهنم التي اشعلتها فوق رؤوسهم وتحت أقدامهم سرايا القدس وكتائب القسام والمقاومة في كل فلسطين. وزارة الخارجية المغربية بفتح مكتبها في هذا الوقت بالذات في تل أبيب وتدعو كل الصهاينة الراغبين في تأشيرة الدخول الى المغرب ابتداء من يوم الإثنين القادم إنما تؤكد للصهاينة وهم كلهم -احتياطيو الجيش الإسرائيلي إن لم يكونوا فعلا عسكريون- بأن نظام ” أمير المؤمنين” يحييهم على إنجاز المهمة في غزة والفراش مبسوط أمامهم في المغرب الملكي.
يبقى السؤال المطروح أين النخب المغربية التي ظلت تتطاول على الجزائر وجنوب افريقيا بسبب مواقفهما المؤيدة علانية للشعب الصحراوي وتوءمه الشعب الفلسطيني؟
شتان بين مكة الثوار الجزائر وبلاد الحرار جنوب افريقيا وبين مملكة الحشيش والسياحة الجنسية.
شتان بين من أحب صعود الجبال وبين من فضل العيش في الحفر.
بقلم : محمد فاضل محمد سالم الهيط