البرلمان الأوروبي يندّد بتقاعس بروكسل في قضية “بيغاسوس” التي تورط فيها النظام المغربي
تحولت “فضيحة بيغاسوس” التي تورط فيها النظام المغربي بالتجسس على كبار المسؤولين الأوروبيين، إلى أزمة داخل المؤسسات الأوروبية، طبعتها اتهامات متبادلة بين البرلمان الأوروبي والمفوضية الأوروبية، على خلفية شبهة عدم التعامل بجدية مع هذه القضية التي وصفت بـ”الخطيرة”.
وندّد البرلمان الأوروبي، الخميس 23 نوفمبر 2023، بتقاعس المفوضية الأوروبية في التعاطي بحزم في فضيحة التجسس ببرنامج “بيغاسوس”، وذلك رغم التحذيرات التي أصدرتها لجنة التحقيق التابعة للبرلمان الأوروبي، التي كانت قد طالبت بإجراء تغييرات تشريعية لمحاصرة مثل هذه الظاهرة.
وعلى مدار ما يقارب السنتين، يدور سجال سياسي وقانوني بين مختلف مؤسسات الاتحاد الأوروبي في بروكسل، حول السبل التي من شأنها عدم إقدام أنظمة مثل النظام المغربي على عدم تكرار ما فعله قبل نحو سنتين، عندما راح يتجسس ببرمجية من إنتاج مؤسسة “آن. آس. أو” الصهيونية، على كبار المسؤولين في القارة العجوز وخارجها، ما سبّب غضبا كبيرا لبعض المسؤولين الأوروبيين، على غرار الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الذي أوصله الغضب إلى إهانة العاهل المغربي، محمد السادس، كما جاء على لسان، مثقف البلاط المغربي، الطاهر بنجلون.
وانتقد أعضاء البرلمان الأوروبي عدم التعاون بين المفوضية والدول الأعضاء في الاتحاد، ووفق ما أوردته وكالة “يوروبا براس”، فإن البرلمان الأوروبي طلب تغييرات تشريعية للرد على ظاهرة التجسس الإلكتروني باستخدام برنامج “بيغاسوس” وبرامج أخرى، وعبّروا عن أسفهم لأنه منذ شهر جوان المنصرم، الذي يصادف تاريخ تقديم التقرير حول “بيغاسوس”، لم تقدّم بروكسل خطة عمل حول كيفية الرد على التهديدات التي يشكّلها هذا النوع من البرمجيات.
واستنادا إلى التحقيقات التي قادتها منظمات حقوقية، على غرار “هيومن رايتس ووتش” ومؤسسات إعلامية غير حكومية من بينها صحيفة “لوموند” الفرنسية، فقد ثبت تورط النظام المغربي في التجسس على هواتف مسؤولين جزائريين وصحفيين، فضلا عن هواتف مسؤولين كبار في فرنسا، يتقدمهم الرئيس إيمانويل ماكرون، وكبار مساعديه ووزرائه، ورئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، وكبار مساعديه، ورئيس الحكومة البلجيكية السابق ورئيس المجلس الأوروبي حاليا، شارل ميشال، والمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى منطقة الساحل الإفريقي، رومانو برودي.
ويفتقد البرلمان الأوروبي إلى الطابع التنفيذي الذي يمكنه اتخاذ القرارات الحاسمة، التي تقع على عاتق المفوضية الأوروبية، باعتبارها تمثل الحكومات، ما يعني أن الكرة في مرمى الدول الأعضاء في الاتحاد، الأمر الذي حال دون صدور قرارات قوية ضد الأنظمة المتورطة في فضيحة التجسس “بيغاسوس”، ومن بينها النظام المغربي.
ويطالب البرلمان الأوروبي من المفوضية الأوروبية، على وجه التحديد، بإجراء تقييم شامل قبل نهاية شهر نوفمبر الجاري، حول ما إذا كانت دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي، مثل كل من قبرص واليونان وبولندا والمجر وإسبانيا، تستوفي الشروط لمواصلة استخدام هذا النوع من البرامج التي تستخدم في التجسس.
ويركّز القرار الصادر، الخميس، عن البرلمان الأوروبي، على “عدم اتخاذ الدول الأعضاء للتدابير الضرورية”، ويشير في هذا الإطار، إلى أنه “في الأشهر الأخيرة، لم يتم اتخاذ الخطوات اللازمة لمعالجة الوضع”، وهي محاسبة الجهات المتورطة في فضيحة التجسس التي هزت عرش مؤسسات الاتحاد الأوروبي.
ويتوقف التقرير عند الحالة الإسبانية، التي تعرض فيها هاتفان خاصان برئيس الحكومة بيدرو سانشيز، للاختراق من قبل المخابرات المغربية عبر برمجية “بيغاسوس” الصهيونية، رفقة عدد من وزرائه، على غرار وزيرة الدفاع مارغريتا روبلس، ووزير الداخلية، فيرناندو غراند مارلاسكا، ووزير الخارجية، خوسي مانويل ألباريس، ومع ذلك، لم تتعاون حكومة سانشيز مع العدالة وفق ما يفرضه القانون، ما اضطر القاضي المكلف بالملف إلى حفظه، كما يتم تبرير قرار الحفظ أيضا بسبب عدم تعاون السلطات الصهيونية في هذه القضية، على اعتبار أن جنسية الشركة المطوّرة لهذه البرمجية صهيونية.