المغرب… شعبٌ جَائِع واقتِصادٌ مُتَهَالِك !!

تعتبر منظمة “بريكس” أحد أبرز القوى الاقتصادية الصاعدة في العالم حاليا، كونها أصبحت تنافس بكل قوة بعض المنظمات العتيدة كمجموعة السبعة الكبار. وبعد أن اقتصرت عضويتها على 5 دول، وهي روسيا، جنوب افريقيا، البرازيل، الهند والصين، فإن إعلان مشروع توسيع المنظمة جذب انتباه العديد من دول العالم، ومن أبرزها الجزائر التي يعد طلب انضمامها للمنظمة أحد أقرب الطلبات المقدمة لتلقي القبول خاصة في ظل الحركية الاقتصادية الكبيرة والتطور البارز الذي تحقق خلال السنوات الأخيرة، لكن اللافت للانتباه أن طلبات الانضمام جاءت من دول تعاني اقتصاداتها من حالة شبه انهيار، أن لم نقل انهيار وشيك، وهنا يبرز اسم المغرب، التي يتواجد اقتصادها في أسوء حالاته. خاصة وأن الدول الأعضاء الحاليين لـ”البريكس” يسعون لضم الدول ذات الاقتصادات القوية أو التي تملك آفاق تطور كبيرة، وليس دولة مثل المغرب، يقترب شعبها من حالة المجاعة، وسط بهرجة مخزنية مبالغ فيها.

كما أن ما يثير الاستغراب في طلب المغرب الانضمام لمنظمة “بريكس” هو كون نظام المخزن، سواء على المستوى الرسمي أو على مستوى أبواقه وأذرعه الإعلامية، كان يقلل بإستمرار من أهمية منظمة “البريكس” وجدوى تقديم الجزائر لطلب الانضمام لها، متباهين بكونهم أصدقاء وحلفاء للجانب الأقوى، والمقصود بذلك “الكيان الصهيوني”، الذي يحاول المخزن الإستقواء بها على دول المنطقة، غير مدركين بأن الكيان سيكون أول من يتخلى عن المخزن في وقت الجد.

اقتصاد ينخره الفساد وغياب الكفاءة

لم يجد البنك المركزي المغربي من مفرّ سوى الاعتراف بهزائم رئيس الحكومة اخنوش وفشله في تحسين الوضع العام للمغرب أو الرفع من اقتصادها، الذي استمر في سقوطه الحر، وفق أرقام رسمية وردت في تقرير صادر عنه.

وأورد التقرير العديد من المؤشرات السلبية التي تؤكد عجز الحكومة التي يقودها الملياردير عزيز أخنوش، عن التخفيف من معاناة الشعب المغربي، أبرزها أن نسبة التضخم وصلت في 2022 إلى أعلى مستوى لها منذ سنة 1992، بعد أن بلغت 6.6 بالمائة، فيما انحصر النمو الاقتصادي عند 1.3 بالمائة. وفي الوقت الذي تقلصت فيه القيمة المضافة الفلاحية بنسبة 12.9 بالمائة، تباطأت وتيرة نمو القيمة المضافة في القطاعات غير الفلاحية إلى 3 بالمائة، لاسيما في البناء، والأشغال العمومية والصناعات الاستخراجية، وتباطأ بقوة في الصناعات التحويلية. وهو ما كانت له آثار وخيمة على سوق الشغل، إذ فقد الاقتصاد المغربي 24 ألف منصب عمل في 2022, فيما بلغت نسبة البطالة 32.7 بالمائة، ليصل بذلك حجم التشغيل إلى 10.7 مليون، وهو مستوى أدنى بنسبة 2.1 بالمائة مقارنة بـ 2019 (السنة المرجعية ما قبل جائحة كوفيد-19).

وعلى الصعيد القطاعي، فقدت الفلاحة 215 ألف منصب شغل، لتنزل بذلك حصتها ضمن الحجم الإجمالي للتشغيل “للمرة الأولى” إلى أقل من 30 بالمائة. أما بالنسبة للميزانية، فسجل البنك عجزا بنسبة 5.2 بالمائة سنة 2022، وهو مستوى أدنى من هدف 5.9 بالمائة من الناتج الداخلي الإجمالي الذي حدده قانون المالية الخاص بهذه السنة.

وبالموازاة مع العجز المالي، تزايدت واردات السلع بنسبة 39.5 بالمائة، بسبب ارتفاع فاتورة الطاقة والمنتجات نصف المصنعة، ما أدى إلى تفاقم العجز التجاري إلى 23.2 بالمائة من الناتج الداخلي الإجمالي، فيما تراجعت نسبة تغطية الصادرات للواردات من 62.3 بالمائة في 2021 إلى 58.1 بالمائة السنة الماضية. ويضاف إلى المتاعب الاقتصادية المرتبطة بالتضخم، البطالة والعجز المالي في المغرب، ظاهرة تفشي الرشوة في مناخ الأعمال، حسب البنك المركزي، الذي أكد أن مستوى محاربة هذه الظاهرة “يظل ضعيفا”.

الأمن الغذائي للمغاربة… رهينة “بارونات” الزراعة والكيان الصهيوني

لا يراعي نظام المخزن، الحاكم في دولة المغرب، أي اعتبار لمصلحة الشعب المغربي، أو لمستقبل المغرب، بل يصبّ كل اهتمامه على تحقيق الأموال والثروات التي تضمن الحياة الباذخة التي يعيشها رجالاته، المتحكمين في كل ما له أهمية استراتيجية للمغرب، وعلى رأس ذلك القطاع الزراعي.

وعكس ما تتجه إليه أغلبية دول العالم، من سعي لضمان الإكتفاء الذاتي ثم التوجه نحو التصدير، فإن رجالات المخزن يُعطون الأولوية القصوى للتصدير، ولا يدخل ضمان الأمن الغذائي للمغاربة أبدا ضمن اهتماماتهم. وما يثبت ذلك أنهم وفي عز أزمة الجفاف الخانقة التي تعرفها دولة المغرب، يتجهون نحو زراعات مستهلكة للمياه بشكل كبير، ولا تنفع المواطن المغربي في شيء، إذ أن أكثر من ثلاثة أرباع احتياطات المياه تستنزفها الفلاحة، أو بالأحرى تُهدر هذه المياه على زراعات لا يحتاجها المغاربة للأمن الغذائي، سوى أنها تدرّ أرباحًا ضخمة على المزارعين الكبار، في حين أن العديد من المناطق تجدُ صعوبة بالغة في توفير احتياجاتها من الماء للشرب والاستهلاك المنزلي، مثلًا منطقة زاكورة (جنوب المغرب)، والتي بدورها تعاني من جفاف هيكلي، تستهلك في ريّ البطيخ الأحمر 10 أضعاف ما يستهلكه السكان.

تسميم المنطقة بالمخدرات من أجل ضمان مداخيل

ووسط غياب الحلول لرفع ارقام الاقتصاد المغربي، لجأ المخزن لخطة خبيثة تتمثل في زراعة القنب الهندي أو كما يعرف بـ”الكيف”، والتواطؤ مع شبكات دولية للتجارة بالمخدرات من أجل نشر تلك السموم عبر المنطقة، خاصة تجاه الجزائر، التي يستهدفها بارونات المخدرات بشكل يومي لولا يقظة الجيش الوطني الشعبي لكانت عواقب ذلك وخيمة على الجزائريين، فحصيلة عمليات الجيش الوطني الشعبي لا تخلو كل أسبوع من أرقام الكيف المعالج الذي تم احباط محاولات إدخاله من الجزائر.

صرح وزير الداخلية المغربي، عبد الوافي لفتيت أنه منذ المصادقة على تقنين ممارسة الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي في 2021، تم منح 195 ترخيصا، في الوقت الذي تتعالى فيه الأصوات المنددة و المطالبة بإلغاء هذا القانون لما له من تداعيات خطيرة قد تطال كافة الأصعدة.

و التراخيص الممنوحة خصت منطقة الريف شمال المملكة المغربية, تحديدا قرب الحسيمة بإقليم تاونات في خطوة يعتبرها الكثيرون أنها غير مدروسة “لشرعنة” تجارة المخدرات. فبالرغم من محاولة ازيد من 150 جمعية حقوقية نشطة في مجال مكافحة المخدرات, شرح ما قد ينجر عن “تقنين” زراعة و استخدام “القنب الهندي” من عواقب وخيمة, يواصل المخزن امعانه في شرعنه تجارة المخدرات ومنح التراخيص ليفاقم من خطر تدفق هذه المادة وإغراق دول أوروبا ودول الجوار بالسم القاتل.

و اعلن الوزير أن الوكالة المغربية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي, التي صنفها المخزن ضمن لائحة المؤسسات العمومية “الاستراتيجية”, منحت 195 ترخيصا الى غاية مايو المنصرم, و ذلك بإقليم “تاونات”, لصالح عدة تعاونيات فلاحية و بعض من الشركات المختصة في صناعة و انتاج “النبتة المخدرة” وفق ما كشفه وزير الداخلية المغربي. توضيحات وزير الداخلية المخزني جاءت ضمن جواب عن سؤال كتابي تقدم به النائب البرلماني، نور الدين قشيبل، عن فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس النواب المغربي.

و صادق البرلمان, شهر ماي 2021, على مشروع قانون تقدمت به وزارة الداخلية المغربية يشرع زراعة و استعمال القنب الهندي في المملكة, و يهدف الى “إخضاع كافة الأنشطة المتعلقة بزراعة و إنتاج وتصنيع ونقل وتسويق وتصدير و استيراد القنب الهندي ومنتجاته لنظام الترخيص”.

و عند الحديث عن الحسيمة نتذكر البلدة التي كانت و لا تزال مهد الثورة الاجتماعية التي أرعبت نظام المخزن وكشفت عن وجه سياسته تجاه المنطقة التي عانت التهميش والفوارق الاجتماعية بل الظلم و الاضطهاد, لندرك أن هذه الخطوة ما هي الا لجم للأفواه و اسكات للضمائر, المطالبة بالإنصاف على كافة الاصعدة. و أشارت تقارير محلية ودولية إلى أن عائدات المخدرات تستعمل من قبل الرباط في شراء ذمم بعض الدول والشخصيات في سبيل دعم الاحتلال غير الشرعي للصحراء الغربية.

و منذ تقنين زراعة واستغلال القنب الهندي تحت مبرر “دواعي طبية, كان من بين المستفيدين, حسب عديد المصادر, “شركات صهيونية اخترقت المجال الفلاحي بعد تطبيع العلاقات عام 2020”. و حذر مناهضو التطبيع من التحالف المخزني- الصهيوني في مجال إنتاج الحشيش وتداعياته الخطيرة على العالم بصفة عامة والمنطقة الإفريقية بصفة خاصة، بالنظر إلى الأوجه التي تصرف فيها عائدات هذه السموم.

وضع سياسي واجتماعي هش

ونظرا لأن الوضع الاقتصادي في المغرب يواصل الانهيار، فإن ذلك كان له أثر كبير على الوضضع الاجتماعي وكذلك السياسي للبلاد.

وصنف البنك الدولي دولة المغرب في قائمة بلدان المنطقة الحمراء التي تشهد ارتفاعا واسعا في أسعار المواد الغذائية، الأمر الذي يفسر موجة السخط في المملكة بسبب تردي الأوضاع المعيشية للأسر المغربية في ظل استمرار الغلاء و ارتفاع لجوء الدولة إلى المديونية.

وحسب آخر تصنيف للهيئة الدولية، فقد تم وضع المملكة المغربية في قائمة بلدان المنطقة الحمراء التي شهدت ارتفاعا واسعا في الأسعار بنسبة تتراوح ما بين 5 و30 بالمائة. وحذرت المؤسسة الدولية نظام المخزن من استمرار ارتفاع معدلات التضخم، حيث شهد التضخم الغذائي في المملكة ارتفاعا قياسيا انتقل من 4.3 بالمائة في يناير 2022 إلى 14.4 في المائة في نوفمبر الماضي.

وتوضح هذه الأرقام سبب السخط الشعبي الذي تشهده عدة مدن مغربية احتجاجا على موجة غلاء المعيشة و ارتفاع أسعار المواد الأساسية و المحروقات إلى جانب تدهور القدرة الشرائية للطبقة العاملة. وتسبب غلاء أسعار المواد الغذائية والوقود أيضا في انتقادات حادة لرئيس الحكومة، عزيز أخنوش، الذي يملك إحدى أهم شركات توزيع المحروقات في المغرب.

وفشلت حكومة المخزن في حل الأزمات المتعددة التي يتخبط فيها المواطن، وهو ما دفع بالأخير الى فقدان ثقته بها، حيث كشفت الارقام التي قدمتها المندوبية السامية المغربية للتخطيط في مذكرتها الأخيرة أن مؤشر ثقة الأسر تابع، خلال الفصل الرابع من سنة 2022، منحاه التنازلي ليصل لأدنى مستوى له منذ بداية البحث الدائم حول الظرفية لدى الأسر سنة 2008.

أما سياسيا، فكلما ظهر ملك المخزن محمد السادس علنا إلا وتأكد للجميع أنه خارج نطاق التغطية كلية، وأنه لا يدرك بتاتا ما يحدث حوله، بل تقتصر نظرته للأمور فيما يتم إعلامه به من طرف حاشيته، والذين يبدو أنهم يستغلون وضعه الصحي والذهني لصالحهم. وهو ما اكّدته الخرجة الأخيرة لمحمد السادس وخطابه بمناسبة يوم العرش. إذ أن محمد السادس، ووسط التفشي الغير مسبوق للتطبيع مع الكيان الصهيوني في المغرب، لم يتوانى عن الادعاء علنا بأن الموقف المغربي من عدالة القضية الفلسطينية ثابت. كما قال الملك علنا بأن العلاقات الجزائرية المغربية “مستقرة”، لكن يبدو أن مفهوم الاستقرار عند ملك المخزن ليس نفسه لدى باقي العالم، او ان الملك لا يعي حقا ما يقول بل تم تسليم ورقة له ليقرأها وانتهى.

كما أن الوضع الصحي الحرج للملك محمد السادس لم يعد يخفى على أحد، إذ ان مختلف وسائل الإعلام الأجنبية كانت قد تطرقت له بالتفصيل، وعلى مدار أشهر. وكتب موقع “MUI” الإسباني عن “الوضع الصعب لملك المغرب، وكيف يستمر في فقدان المزيد من الوزن كل يوم”، مشيرا أن الملك يعاني من مرض اسمه “الساركويد”، وهو مرض مناعي يعيق النظام الغذائي للمريض، وتنمو معه مجموعات صغيرة من الخلايا الالتهابية في أجزاء مختلفة من الجسم، وتحدث أوراما متكررة في الرئتين والعقد الليمفاوية والعينين والجلد، ما يفرض نظاما غذائيا خاصا وتجنب التعرض المفرط للشمس.

بينما أشار موقع “أفريك” الناطق باللغة الفرنسية، إلى أن صحة الملك أصبحت أكثر هشاشة في السنوات الأخيرة، حيث إلى جانب مشاكله القلبية التي أجرى بسببها عمليتين جراحيتين، يعاني الملك، كما يضيف الموقع، من مرض خطير، يتعلق باضطرابات في جهاز المناعة، متسائلا عن حقيقة الإعلان عن إصابته بأنفلونزا طبيعية أم أن الأمر يتعلق بأعراض مرض “الساركويد”.

وكانت صحف إسبانية كثيرة، بينها صحيفة “الكونفيدونسيال” قد تطرقت بالتفاصيل لمرض الملك المغربي، مشيرة إلى مشكلة عدم انتظام ضربات القلب، وصعوبة في التنفس الناتجة عن الانسداد الرئوي المزمن، علاوة على إجرائه عملية جراحية لورم حميد في عين واحدة.

وحيال تطور مرض الملك الغامض، فقد تم تحديث مجلس الوصاية الذي بإمكانه الحكم في حال غاب الملك، بينما تندلع نيران حرب سرية وأحيانا علنية بين أنصار وريث العرش العلوي الحسن الثالث ابن محمد السادس البالغ من العمر 19 سنة، وبين أخيه مولاي رشيد، حيث يحظى كل طرف بقوى داعمة داخل سرايا الحكم والجيش والأجهزة الأمنية.

وبسبب تطورات الوضع الصحي لمحمد السادس، فقد طفت للسطح مجددا حرب الخلافة بين إبن وشقيق محمد السادس، وهذا كولسة من وزير الخارجية بوريطة وحلفاءه الصهاينة، الذين يفضلون أن يتولى إبن محمد لسادس الحكم بعده حتى تستمر قبضتهم المحكمة على الوضع في المغرب.

طلب الانضمام للبريكس ما هو ألا “شطحة” استعراضية

إذا وضعنا بعين الاعتبار، أن دول “البريكس” وعند دراسة طلبات الانضمام إليها، والتي بلغت 23 طلبا، ستضع بعين الاعتبار كل العوامل المتعلقة بتلك الدول من استقرار اقتصادي واجتماعي وكذلك سياسي، فسنفهم بأن طلب المغرب الانضمام للمنظمة لا يعدو كونه محاولة من المخزن للظهور بصورة الدولة القوية الرائدة التي لها ثقل ودور إقليمي ودولي، رغم أنهم يدركون بشكل تام أن طلبهم لن يتجاوز سكرتارية المنظمة، بل ربما لن يتم حتى وضعه بعين الاعتبار. كما يمكننا أن نصفه بكونه “شطحة” استعراضية لا معنى لها.
بقلم:ابراهمي محمد الصالح

شارك الموضوع
%d مدونون معجبون بهذه: